استطاع صلاح الدين الأيوبي استرداد القدس من الفرنجة عام 1187م بعد معركة حطين، وعامل أهلها معاملة طيبة، وأزال الصليب عن قبة الصخرة، واهتم بعمارة المدينة وتحصينها، ثم اتجه صلاح الدين لتقديم أعظم هدية للمسجد، وكانت تلك الهدية هي المنبر الذي كان "نور الدين زنكي" قد بدأ في إعداده وكان هذا المنبر آيةً في الفن والروعة، ويعدّه الباحثون تحفة أثرية رائعة وأعظم مبنى في العالم الإسلامي.
ولكن الفرنجة نجحوا في السيطرة على المدينة بعد وفاة صلاح الدين في عهد الملك فريدريك ملك صقلية، وظلّت بأيدي الفرنجة 11 عاماً إلى أنْ استردّها نهائياً الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1244م.
وتعرّضت المدينة للغزو المغولي عام 1243/1244م، لكن المماليك هزموهم بقيادة سيف الدين قطز والظاهر بيبرس في معركة عين جالوت عام 1259م، وضمّت فلسطين بما فيها القدس إلى المماليك الذين حكموا مصر والشام بعد الدولة الأيوبية حتى عام 1517م.
دخل العثمانيون القدس بتاريخ 28 ديسمبر 1516م (الرابع من ذي الحجة 922هـ)، وبعد هذا التاريخ بيومين قام السلطان بزيارةٍ خاصة للمدينة المقدسة حيث خرج العلماء والشيوخ لملاقاة "سليم شاه" وسلّموه مفاتيح المسجد وقبة الصخرة. وأصبحت القدس مدينة تابعة للإمبراطورية العثمانية وظلت في أيديهم أربعة قرون تقريبًا.
ويُشار إلى أنّ هناك بعض الحكّام المحليّين الأتراك والسلاطين في أواخر العهد العثمانيّ كان لهم دورٌ في زيادة الوجود اليهوديّ في مدينة القدس والسماح لليهود بممارسة طقوسهم الدينيّة أمام حائط البراق، ما ساعد في نشأة أسطورة الهيكل المزعوم آنذاك.
سقطت القدس بيد الجيش البريطاني في 8-9/12/1917م بعد البيان الذي أذاعه الجنرال البريطاني اللنبي، ومنحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وأصبحت القدس عاصمة فلسطين تحت الانتداب البريطاني (1920-1948).
أعلنت بريطانيا اعتزامها الانسحاب من فلسطين يوم 14 أيار/مايو 1948، وبحلول هذا التاريخ أعلن من يُسمّى بمُخلّص الدولة المؤقت"الإسرائيلي" عن قيام "دولة إسرائيل" الأمر الذي أعقبه دخول وحدات من الجيوش العربية للقتال إلى جانب سكان فلسطين، حيث أسفرت الحرب عن وقوع القدس الغربية بالإضافة إلى مناطق أخرى تقارب أربعة أخماس فلسطين تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيليّ.
مع اندلاع حرب حزيران 1967 أتيحت الفرصة الملائمة لدولة الاحتلال لاحتلال بقية المدينة، ففي صبيحة السابع من حزيران/يونيو 1967 بادر مناحيم بيغين لاقتحام المدينة القديمة، حيث تم الاستيلاء عليها بعد ظهر اليوم نفسه وعلى الفور أقيمت إدارة عسكرية للضفة الغربية وقام جيش الاحتلال بتنظيم وحدات الحكم العسكري لإدارة المناطق التي تحتلها دولة الاحتلال في حالة نشوب حرب.
شكّلت مدينة القدس عنوان المقاومة الفلسطينيّة هذه الأيّام، خصوصاً مع مشاريع التسوية التي أعقبت اتفاقات أوسلو عام 1994م
وكانت زيارة نائب رئيس وزراء الاحتلال الصهيونيّ السابق آرئييل شارون وانطلاقة انتفاضة الأقصى إثر ذلك إثباتاً على عنوان المرحلة المقبلة للمقاومة الفلسطينيّة.
وفي المقابل تبذل السلطات اليهودية أقصى الجهد لطمس المعالم الإسلامية بالقدس رغبةً في تهويدها، فهي تعزلها عن باقي المناطق المحتلة، وتمنع الفلسطينيين من دخولها، وتدفع لها بعض اليهود، وتقيم بها أبنية على نسقٍ مغاير للملامح العربية والإسلامية، وتُحدِث بالمدينة بعض الأعمال التي من شأنها تغيير مكانة القدس سياسيّاً وديموجرافيّاً، كزرع المستوطنات والتضييق على سكان المدينة من العرب حتى يلجؤوا للهجرة. وستظل المعارك دائرة بين المسلمين واليهود إلى أنْ يتم تحرير الأقصى.
وإذا كانت ذاكرة الأمة قد ظلت داعية بمكانة القدس في هذا الصراع التاريخي المتعدد المراحل والحلقات.. فإن مهمة ثقافتنا المعاصرة هي الإبقاء على ذاكرة الأمة على وعيها الكامل بمكانة القدس الشريف، حتى يطلع الفجر الجديد.
كتاب المسجد الأقصى .. وقفات وعبرات[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]المؤلف: محمد بن عبد الكريم الشيخ تعريف : كتاب قيم يتناول فضل الاقصى في القرآن الكريم
والسنة الصحيحة، كما يذكر قصة الأقصى عبر العصور
من لدن آدم عليه السلام (أول من بناه على الأرجح)
وحتى عصرنا الحالي، ويبين مزاعم اليهود فيما يتعلق
بالأقصى ويفندها، ويرسم طريقاً لخلاص الأقصى، ثم يختم
بعرض الفتاوى المتعلقة ببطلان الصلح مع اليهود
ووجوب الجهاد.
لتحميل الكتاب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]