بسم الله الرحمن الرحيم
فإذا
علل أحدنا نظرته السلبية للأمور على ظلم وقع عليه وأن الظلم عندما يقع على
أحدنا ولا يستطيع دفعه يشعر الإنسان بالعجز واليأس ومرارة الإحباط، وتهرب
من على شفتيه البسمة ومن قلبه روح التفاؤل.. نقول له نعم إن وقع الظلم على
النفوس عظيم، ولهذا قال تعالى: "لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ
مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ". فإذا شعرت بالظلم وقلت سوءًا ودعوت
بالسوء على من ظلمك وجهرت به دون إرادتك فإن الله يتجاوز عن ذلك.. بل ولا
بد من أن ينصرك الله ولو بعد حين..
ولكن لتعلم يا أخي ولتعلمي
يا أختاه أن أسوأ من مرارة الظلم وأشد وقعًا على القلوب منه الرغبة في
الانتقام!!لأنها تورث أسوأ أنواع الكراهية وإذا دخلت قلبا اسودَّ وانطفأ
نور الإيمان فيه، فمن أين تأتيه راحة القلب والتفاؤل، ومن أين تأتيه
البشرى بغـدٍ قادم يحمل إليه رضاء نفسه ورضاء الله؟!
وقد وجَّهنا
الله إلى الدواء الشافي للقلوب من أمراض الكراهية التي تدفعنا لليأس
والحقد أملاً في أن نتمتع بالرجاء والتفاؤل.. فقال الله تعالى: "
ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ
واللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
أي أن العفو والصفح يجلبان مغفرة الله
تعالى كما قال، فربما أتى الله بهذا الظالم حتى يطهرك من ظلم أوقعته على
إنسان، سواء عرفت أم لم تعرف، وسواء قصدت أو لم تقصد.. فلنفهم فقه البلاء
حتى يتبين لنا حنان الله من خلف أبوابه، فالبلاء باب باطنه فيه الرحمة وإن
كان ظاهره العذاب..
فإذا ظُلِمت فاصبر واستبشر وتفاءل وقل عسى الله
أن يجعل من بعد عُسرٍ يُسرا، وعسى أن يطهرني ويزكيني ويرفع عني ما هو أشد
مرارة من هذا الظلم الواقع علي، أو عسى أنه يريد أن يقربني إليه، فنارُ
البلاء تُخلِّص الإنسان من شوائب النفس الأمارة بالسوء.. ومن تطهرت نفسه
وصلت لاطمئنانها وناداها الله في ملكوته: " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ
المُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28)
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وادْخُلِي جَنَّتِي".
فيا أخي
ويا أختي، مهما يكن ما نحن فيه علينا ألاّ نيأس أبدًا. علينا أن نسعد
بحياتنا على ما هي عليه، علينا أن نتفاءل وأن تكون مشاعرنا إيجابية مهما
أحاط بنا من أشياء سلبية، فالله قادر على أن يحيل الليل إلى نهار، والظلمة
إلى نور، والخوف إلى أمن، والفقر إلى غنى، والذلة إلى عز، ولا حالَ يدوم..
وسبحان القائل جل في علاه: "وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ
النَّاسِ"..فيا سعادة من صبر وتفاءل وأحسن الظن بالله ويا شقاوة من جزع
ويأس ونسي أن له ربًّا يحميه ويعطيه ويسنده ويقويه.
"... فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَذِي بَايَعْتُم بِهِ..."
.. استبشروا وتفاءلوا وثقوا تجدوا ما ظننتم،
فالله عند ظن عبده إن كان خيرًا وجد الخير
وإن كان غير ذلك وجد ما ظنه فيه..
"... ومَا رَبُّكُ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ".
اسال الله العلى العظيم ان ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا
واسالكم الدعاء