لعنة الفراعنة.. هل هي حقيقة؟ أم هي مجرد أوهام وقصص يتداولها الناس؟. لكي نجيب عن هذا السؤال تعالوا بنا نسرد بعضاً من قصص اللعنة. عندما اكتشف كمال الملاخ مراكب الشمس في شهر مايو (أيار) عام 1954، حدث ذلك في يوم كان فيه الملاخ وأنيس منصور يتناولان الغداء في مطعم «الأكسلسيور» وسط البلد، حيث تلقيا اتصالا من الريس جرسيني، الذي كان مسؤولا عن تنظيف الجانب الجنوبي لهرم الملك خوفو، من تلال الأتربة التي تغطي المكان. وكالعادة في مناطق الآثار، فقد كان مدير أعمال المنطقة الأثرية هو المسؤول عن الأعمال الهندسية في الموقع وعن نقل الأحجار الضخمة من مكانها.
القصة بدأت منذ عام 1944، خلال زيارة جلالة الملك عبد العزيز آل سعود للهرم صحبة الملك فاروق. وهما يستقلان العربة الملكية التي تجرها الخيول، كان العالم الفرنسي مسيو درويتون مدير مصلحة الآثار في ذلك الوقت، يشرح لهم عن المنطقة الأثرية، وأثناء مرور العربة الملكية خلف هرم «خوفو» لاحظ العاهل السعودي وجود رمال وأحجار بارتفاع شاهق بجوار ضلع الهرم الجنوبي. وأشار بذلك إلى الملك فاروق، الذي أعطى أمراً لدرويتون بإزالة تلك الرمال والأحجار. وفعلاً اعتمدت مصلحة الآثار مبلغ خمسين جنيهاً مصرياً لهذه العملية. وبعد أن تمت إزالة ما يقرب من ستين ألف متر مكعب من الأتربة والأحجار ظهرت بقايا السور الأثري، الذي كان يحيط بالهرم وهو جزء من المجموعة الهرمية للهرم الأكبر.
أمين المنطقة آنذاك كان هو الأثري زكي نور، الذي كان في وقت الكشف مريضاً وغير موجود بالموقع. وكان الملاخ حينها شاباً نشطاً جداً له صداقات واسعة في عالم الصحافة، وخاصة مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وصديقي الكاتب الكبير أنيس منصور.
وكان الملاخ معتزاً بكرامته وذا شخصية قوية. ورغم أن الكشف تم بالمصادفة إلا أن الملاخ كان يقول، بعد ذلك في لقاءاته ومحاضراته، أنه ظل يبحث عن هذه المراكب طوال عمله بمنطقة الهرم. وعندما دق جرس الهاتف في مطعم «الأكسلسيور». ظهرت الفرحة على وجه الملاخ وأخبر أصدقاءه بالخبر السعيد.. تركوا الغداء وأسرعوا بالعربة إلى منطقة الهرم. وفي الطريق تعطلت العربة واحترق المحرك.. وكانت هذه بداية لعنة الفراعنة مع المصريين.. ويبدو أن الملك خوفو لم يترك الملاخ في حاله بل أراد أن يصب عليه لعنات أكثر.. تطاير خبر الكشف عن مراكب خوفو، والتي أطلق عليها الملاخ مراكب الشمس، وأصبح أهم كشف أثري بعد كشف مقبرة توت عنخ آمون في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1954. وفي نفس الوقت، كشف زكريا غنيم عن الهرم الناقص الخاص بالملك سخم خت في سقارة في نفس الوقت. وأصبح اسم مصر يتردد على كل الألسنة.. وحضر الرئيس جمال عبد الناصر ومعه رجال الثورة بطلب من الأستاذ هيكل لزيارة الكشف الجديد.. وكانت زيارة تاريخية أظهرت احترام رجال الثورة للآثار، رغم أن هناك أقاويل قيلت على لسان عبد الناصر تقلل من قيمة الكشف، ولكن يبدو أنها إشاعات تحدث بعد الأحداث المهمة.
بعد ذلك، طالبت الصحف الرئيس عبد الناصر بزيارة كشف هرم الملك سخم خت. في ذلك الوقت اكتشف زكريا غنيم تابوتا مغلقا يعود إلى أكثر من خمسة آلاف عام، وعندما فحص الأثريون التابوت، وجدوا أن المصريين القدماء أغلقوا جوانبه بالملاط، أي أن آخر شخص لمسه كان منذ آلاف السنين. الدنيا كلها اهتزت، لأن يوم فتح هذا التابوت سوف يكون يوماً مشهوداً. حضر عبد الناصر وبعض رجال الثورة والصحافة العالمية من كل مكان، لمعاينة لحظة فتح التابوت. وبدأ الأثريون في الاستعداد لفتح التابوت واحتبست الأنفاس. وبدأ الفتح ببطء شديد، والكل في انتظار المفاجأة، إذ كان الاعتقاد أن التابوت يحتوي على جثمان الملك سخم خت، مما سيجعله أهم كشف في الوجود، وخاصة لأن الهرم المدرج الذي بناه «إيمحوتب» أعظم عباقرة العصر الفرعوني، والذي ألهه المصريون القدماء، واعتبروه إلهاً للطب، وكان المثقفون في مصر القديمة يرددون اسمه قبل أن يكتبوا سطوراً على ورق البردي. واستطاع هذا المهندس العبقري أن يبني سراديب الهرم المدرج بطول حوالي 7كم داخلها تابوت ضخم للملك وتوابيت من المرمر لدفن بناته الـ 11. وعثر فقط داخل الهرم المدرج على جزء من ذراع الملك «زوسر» محفوظة الآن بكلية الطب جامعة القاهرة. ولذلك كان العثور على هذا التابوت المغلق يعتبر حدثا مهما آخر لا يقل عن كشف الملاخ لمراكب الشمس. وسُمح لعدد قليل من الصحفيين بالدخول داخل حجرة الدفن للهرم الناقص. وتسلطت الكاميرات على عيني زكريا غنيم، وبدأ في فتح التابوت. وكانت المفاجأة أن التابوت كان خاليا ولا توجد به أي أسرار فرعونية.. بل كانت بداخله لعنة الفراعنة.