ظاهرة الغلاء وأهمية التكامل الاقتصادي العربي
د. محمد ناجي عمايرة
موجة الغلاء، موجة عالمية بامتياز، فهي مؤثرة في الدول المتقدمة والغنية مثلما هي فاعلة في الدول النامية والفقيرة، والأشد فقراً، والأقل نمواً على السواء.
ولا أحاول - هنا - أن اجد مسوغات لزيادة الأسعار ورفعها، ولا لتزايد تكاليف المعيشة في دولنا العربية كافة، كما لا أذهب إلى إيجاد (خط دفاع) قوي أو غير قوي عن ممارسات الحكومات ودورها في تخفيف أعباء المعيشة عن المواطنين.
فبعض الدول والحكومات لجأت إلى محاولة تحقيق توازن بين الدخل الفردي وتكاليف المعيشة المتزايدة وأقدمت على تقديم معونة محددة لذوي الدخل المحدود والمتوسط، وبعضها لجأت إلى زيادة رواتب موظفي الحكومة أو القطاع العام، وتمنّت على مؤسسات القطاع الخاص أن تحذو حذوها، فتزيد رواتب موظفيها.
وبعض الدول لجأت الى تدابير اقتصادية أخرى، وحاولت تخفيض الأسعار بدعم محدد لبعض السلع رغم ارتفاع فاتورة هذا الدعم الى أرقام تبدو قياسية، ولا شك أن هناك تفاوتاً في قدرة الاقتصاد الوطني لدى الدول العربية، فالدول المنتجة للنفط، قد تكون قادرة على زيادة الدعم وزيادة الرواتب وضخ المزيد من الأموال لتحقيق مستوى معيشي أفضل للمواطن والمقيم، غير أن الدول غير المنتجة للنفط، وذات الموارد المحدودة، تواجه وضعاً صعباً، وهو ينعكس على المواطن والمقيم فيها بشكل يبدو منذراً بالانفجار الاجتماعي.
نعرف أن أسباب الغلاء عديدة، وأن معظمها خارجي ويتصل بالدول المنتجة للسلع والمواد الغذائية كالقمح والسكر والأرز واللحوم، وكذلك يتصل بالتضخم العالمي، وفي ظل سياسات اقتصاد السوق أو الاقتصاد الحرّ وتحكم (العرض والطلب) بالأسعار العالمية، وانخفاض الدولار الأميركي، وما يواجه الأسواق العالمية من خضّات وأزمات تنذر بركود اقتصادي في الدول الصناعية الكبرى، ومنها الولايات المتحدة، ناهيك بآثار ارتفاع أسعار النفط على الدول غير المنتجة، وان كان هذا العنصر الأخير هو ذو أثر ايجابي على الدول النفطية يساعدها على تخطي بعض الأزمات الاقتصادية.
غير أن هناك أسباباً أخرى للغلاء تتصل بالداخل، وفي كل دولة على حدة، ومن ذلك الفساد المالي والإداري، وخلل السياسات الاقتصادية، ونقص الموارد، وضعف الامكانات البشرية، وقلة الانتاج المحلي، وهذه هي عناوين عريضة لعوامل الأزمة.
ما يطلبه المواطن العربي هو معالجة حصيفة لهذه الظاهرة السلبية، ومواجهتها بأساليب جماعية، تعكس التوافق العربي على الصعيد الاقتصادي، على الأقل، طالما أن الخلافات السياسية هي الأبرز والأكثر ظهوراً بين الدول العربية.
وقد ترددت معلومات عن توجه دول مجلس التعاون الخليجي إلى تفعيل بعض المبادرات في هذا السبيل منها مبادرة الشراء المشترك أو الموحد للسلع الأساسية، وتأسيس تكتل خليجي أو شركات مستقلة في هذا الاطار، وهذا يعزز التكامل الاقتصادي الخليجي، ويسهل السيطرة على هذه الظاهرة.
لست خبيراً اقتصادياً، ولكنني من موقعي أو بوصفي مواطناً عربياً أرى أن مثل هذه المبادرات جديرة بالتوسيع والتعميم وتعميم التكافل على المستوى القومي.
.................
عن صحيفة الرأي الاردنية
8/4/2008