العالم يبحث في روما
عن حل لأزمة الغذاء
الفقراء ينتظرون من القمة
حلولا تسد رمقهمروما - يبحث زعماء العالم في قمة الغذاء التي بدأت أعمالها اليوم الثلاثاء بروما عن حلول عاجلة وطويلة الأمد لأزمة الغذاء التي تفجرت في الأشهر الأخيرة؛ للحيلولة دون تحولها إلى كارثة عالمية تشعل مزيدا من الأزمات والحروب، بحسب تحذيرات منظمات دولية. ومن المنتظر أن تكون المطالبة بزيادة استثمارات العالم في قطاع الزراعة هي الأعلى صوتا في اقتراحات المشاركين بالقمة التي تستضيفها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) على مدار ثلاثة أيام.
ويشارك في القمة 44 من زعماء العالم، من بينهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والرئيس المصري حسني مبارك، والإيراني محمود أحمدي نجاد، والأرجنتينية كريستينا كيرشنر، والبرازيلي لولا دي سيلفا.
"بداية جديدة"
وقبيل القمة، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن العالم اليوم يدفع ثمن عجز المسئولين عن اتخاذ "قرارات صعبة"، وخاصة فيما يتعلق بـ"تقاعسنا عن الاستثمار في القطاع الزراعي على مدار أكثر من عقد".
وطالب بان كي مون العالم بـ"بداية جديدة" قبل أن ينجم عن تلك الأزمة التي "لم تظهر فجأة" تأثيرات سلبية اقتصادية واجتماعية وأمنية على مستوى العالم.
ويعد هذا التصريح امتدادا لاتهامات سابقة أطلقها مقرر الأمم المتحدة الجديد الخاص للجنة "الحق في الغذاء"، أوليفييه دو شاتر، بشأن مسئولية سياسات الصندوق والبنك الدوليين عن أزمة الغذاء؛ بعد أن خفضا مساعدات الاستثمار الزراعي.
من جانبها، حذرت مسئولة منظمة "أوكسفام إنترناشيونال" لمكافحة الفقر في روما، فريدة تشابمان، من أن نحو 300 مليون شخص يواجهون خطر الجوع في المدى القريب، وأنه إذا استمرت الأزمة الحالية حتى 2025 فإن 600 مليون آخرين سيضافون إلى قائمة من يعانون من سوء التغذية أو المجاعة.
15 مليار دولار
"الفاو" كانت قد دعت لهذه القمة العام الماضي لبحث التغيرات المناخية والوقود الحيوي، غير أن الارتفاع غير المسبوق في أسعار الغذاء، وموجة الاحتجاجات التي فجرتها في عدد من دول العالم، جعلت أزمة الغذاء هي محور القمة.
وينتظر أن تناقش القمة اقتراحات الحل الواردة في تقرير خلية العمل الخاصة التي شكلتها الأمم المتحدة لمتابعة أزمة الغذاء في اجتماع وكالاتها المعنية بسويسرا في شهر أبريل الماضي.
ويتضمن التقرير سلسلة إجراءات قصيرة وطويلة المدى ربما يتطلب تطبيقها إنفاق مبلغ يتجاوز 15 مليار دولار.
فعلى المدى القصير، يدعو التقرير لخفض الرسوم على الغذاء، وتوفير الدعم المادي للمزارعين الأكثر فقرا، أما على المدى البعيد، فيعول التقرير على أن يزيد العالم استثماراته في القطاع الزراعي.
ونظرا لتوقع "الفاو" استمرار ارتفاع أسعار الغذاء خلال الأعوام العشرة المقبلة، حتى وإن تراجعت عن مستوياتها القياسية الراهنة، فقد طالب رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة (إيفاد) لينارت بيج قادة العالم بإيلاء اهتمام أكبر بالزراعة.
واعتبر بيج أن أصل أزمة الغذاء ليس التغيرات المناخية أو ارتفاع الطلب العالمي "الذي لن ينتهي" ولا الوقود الحيوي "رغم أنه يفاقم الأزمة"، بل "مشكلة هيكلية عميقة خاصة بإهمال المزارعين الفقراء".
وتضافرت في الشهور الأخيرة عدة عوامل فجرت أزمة الغذاء، من بينها ارتفاع أسعار النفط، والتغيرات المناخية، وتراجع الاستثمارات الزراعية، والمضاربات التجارية، وارتفاع الطلب العالمي، فضلا عن استخدام بعض المحاصيل الغذائية الرئيسية مثل قصب السكر والذرة في إنتاج الوقود الحيوي للسيارات بدلا من استخدامه كغذاء.
الأفواه والخزانات
ومن المتوقع أن تثير قضية إنتاج الوقود الحيوي كبديل لتخفيض استهلاك النفط خلافا في القمة؛ حيث خصص معظم الإنتاج الإضافي من الذرة في العام الماضي لإنتاج هذا الوقود، بدلا من استخدامه لإطعام البشر الجياع.
وقال الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إنه سيدافع عن الوقود الحيوي خلال القمة في مواجهة هجمات الرافضين له، معتبرا أن "الأمر يرجع للبرازيل في إثبات أنه من الممكن تماما ألا يتعارض إنتاج الإيثانول (أحد أنواع الوقود الحيوي) مع إنتاج الغذاء".
والبرازيل هي أكبر مصدر في العالم للإيثانول ورائدة في إنتاج الوقود الحيوي من قصب السكر، كما تحاول الولايات المتحدة زيادة إنتاجها من الإيثانول من الذرة، فيما يهدف الاتحاد الأوروبي إلى إنتاج 10% من وقود السيارات من الطاقة الحيوية بحلول عام 2020.
لكن معارضو الوقود الحيوي يقولون إنه تسبب في زيادة بنسبة 30% في أسعار الغذاء العالمية، بتحويل الغذاء بعيدا عن أفواه الناس إلى خزانات وقود السيارات.
وينوي الأمين العام للأمم المتحدة خلال القمة مطالبة الدول المنتجة للوقود الحيوي بخفض قيمة الدعم الذي توفره لمنتجيه.
وذكرت أرقام وكالة الطاقة الدولية أن ما يقدر بـ 1% من الأراضي المزروعة في العالم تستغل في إنتاج وقود حيوي، وأن الرقم سيصل لما يتراوح بين 2.5 و3.8 % بحلول عام 2030.
كارثة عالمية[/size]
[size=25]وتزامنا مع القمة، حذرت منظمة "أكشن إيد" لمكافحة الفقر ومقرها جوهانسبرج، من أن ارتفاع أسعار الغذاء قد يتسبب في "كارثة عالمية"، بعد أن وصلت إلى حد "انتهاك جماعي لحقوق الإنسان".
كما حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن تزايد الفقر الناتج عن ارتفاع الأسعار سيصعد الصراعات في مناطق الحروب.
وفي خطوات استباقية للنجاة من هذا المصير، بادرت عدة منظمات عالمية وإقليمية بتقديم مساعدات مالية تسهم في توفير الغذاء للفقراء.
ومن أحدث هذه المبادرات قرار البنك الإسلامي للتنمية التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قبيل القمة إنفاق 15 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة لمساعدة الدول الإسلامية الأقل نموا في التعامل مع الأزمة.