ألمحه من بعيد ... فتصدم عيناى بعيناه ... يهرب بهما سريعا وكأنه لم يرانى ..... يسرع خطواته.... فابتعد بعيناى انا الاخرى وانا اشعر بمرارة كبيرة:"أيهرب منى ؟!!!"...
وبتلقائية اجدنى اعدل من وضع ظهرى وارفع رأسى لأعلى، تلك "أنا" التى اعرفها فأنا اتماسك بالتعالى امام انكسارى .
تحاول عيناى الوصول إليه بين الجموع فأعيدها مرة اخرى لتنشغل بقراءة اللافتات !!!
أصمم ان تتباطىء خطواتى حتى لا اصطدم به بطريقى مرة اخرى رافضة ان ادخل فى سباق سرعة تافه مع خطواته !!!
كم كان يأسرنى بالماضى ان اجده امامى فاضطرب كما لم افعل من قبل ، فتتلعثم كلماتى وتعلن دقات قلبى العاشقة ثوراتها ...، كم كنت اترك عيناى تحدق به طويلا عللها تحفظ ذلك الوجه الذى لم اقابل فى مثل تناسقه ابدا .
وكم كرهتها وهى تصر على التحديق به يومها وهو يعلنها صراحة :"لم يعد لك مكان يحياتى ... سأبتعد ولتبتعدى وليتخذ كل منا طريقه " لم استطع ان اتركهها تستمر فى التحديق به وانا أرى قسوة تلك الملامح ... وكأنه اللقاء الاول بينى وبين ذلك الوجه !!!
اشتم عطره حولى ... فأظننى شردت بافكارى بعيدا ..... ينفذ العطر اكثر واكثر داخل انفى .... لم يعد لدى ادنى شك فى انه هو من يمر بجوارى .... يوجه نظره اليّ وهو يتساءل مبتسما:"انت ؟"...، فأبادله سؤاله :"انت ؟"...!!!
يضحك وهو يصف كم كان مترددا فى القاء التحية على فأبتسم ابتسامة رضا تعلن صفحى عن خطأوه هذا ...،ثم اسرع بسؤاله عن حبيبته ...، يتنفس الصعداء - وكأنه لم يتوقع سؤالى هذا بتلك البساطة - فيضحك وهو يجيبنى ........ يسألنى عن حالى فأجيبه ....... انتقل ببراعة من موضوع الى الآخر فلم يعد لتلعثمى معه اى مجال .
انتهى حديثنا بانتهاء الطريق ... كانت المرة الاولى التى احدثه دون ان تتسمر عيناى امام وجهه ...، بل كانت المرة الاولى الذى يتواجد فيها الى جوارى دون ان يصدر قلبى دقاته المتسارعة ...
واكتشفت سريعا سر تلك التغييرات ....
انها المرة الاولى التى احدثه فيها دون ان اشعر باشياء كنت اشعر بها منذ سنوات .....، وكأنه اعلان استقلال قلبى من استعمار مشاعرى ..... ، فانا لم اعد اشعر به سوى كـ"صديق قديم " ....