بســــم الله الرحمـــــن الرحيــــــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
أسم الموضوع :- طلع البــدر علينـــا .
أسم الكاتــــب :- صـــلاح إدريــــس
رقم الموضوع :- ( 100 )
التاريــــــــخ :- الجمعة 3 ديسمبر 2010
التصنيـــــــــف :- دينـــــــى
******
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعى لله داع
أيهاالمبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة مرحباً يا خير داع
***
طلعالنور المبين نور خير المرسلين
نور أمن وسلام نور حق ويقين
ساقه الله تعالى رحمة للعالمين
فعلى البر شعاع وعلى البحر شعاع
***
مرسل بالحق جاء نطقه وحيالسماء
قوله قول فصيح يتحدى البلغاء
فيه للجسم شفاء فيه للروح دواء
أيهاالهادي سلاماً ما وعى القرآن واع
***
جاءنا الهادي البشير مطرق العانيالأسير
مرشد الساعي إذا ما أخطأ الساعي المسير
دينه حق صُراح دينه ملككبير
هو في الدنيا نعيم وهو في الأخرى متاع
***
هات هدي الله هات يا نبيالمعجزات
ليس للات مكان ليس للعزى ثبات
وحّد الله ووحد شملنا بعدالشتات
أنت ألفت قلوباً شفه ا طول الصراع
***
طلع البدر علينا من ثنياتالوداع
وجب الشكر علينا ما دعى لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمرالمطاع
جئت شرفت المدينة مرحباً يا خي داع
*****
أهلـى وناسى وأصدقائى الأعزاء
يوم الثلاثاء القادم الموافق 1 محرم 1432 هجرية ويوافق 7 ديسمبر 2010 ميلادية ــــ بإذن الله تحل علينا ذكرى هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وبشائر المسلمين .. من مكة إلى المدينة .. لذا فضّلت أن نتحدث فى هذه الجمعة المباركة عن هذه الهجرة المباركة .. وعلاقتها بالأيمان والجهاد لتمثل لنا ثلاثيا هاما هو
( الأيمان .. الهجــرة .. الجهــاد )
******
بهذه الكلمات الجميلة فى بداية مقالى ( طلع البدر علينا ) والتى تعبر عن شوق ولهفة وترحيب أهل المدينة .. فى لقاء خير من أنجبت البشرية .. وخير رسول صلى الله عليه وسلم .. وخاتم الأنبياء .. وصحبه الأجلاء .. والأقامه بينهم بدينهم الجديد الذى أعتنقوه .. وهم فى شوق لمعرفة الأكثر عن هذا الدين الجديد المبارك .. وكيف يتأتى لهم فرصة أفضل من وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم .. ليسمعوا له .. ويتباركوا به .. وينهلون من الإسلام نقطة نقطة من فم وقلب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
*****
عندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة .. لم يهجر قلبه تراب مكة ولا الكعبة الرابضة في قلب مكة .. ولقد أعلن - صلى الله عليه وسلم - ذلك بعبارة صحيحة عندما التفت إلى مكة وهو يودعها قائلاً : "ما أطيبك من بلد وأحبك إليّ ! ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك ".
وعندما هاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكة لم يهجر قريشاً ولا بني هاشم ، فلقد كان يحب الجميع ، ويتمنى لهم الهداية والخير ، كما أنه -وهو الوفي - لم ينس لبني هاشم - مُسلمهم وكافرهم – مواقفهم معه عندما قادَتهم عصبية الرحم فحموه من كل القبائل ، ودخلوا معه شعب أبي طالب يقاسون معه ومع المسلمين الجوع والفاقة ، ولا يَمنّون عليه بذلك ، مع أنهم على غير دينه ، لكنه الولاء للأرحام.
****
الرسول المهاجر -صلى الله عليه وسلم – لم يهجر كل ذلك بل حمله معه في قلبه ، يحنّ إلى ذلك اليوم الذي يعود فيه إلى مراتع الصبا ، وإلى الرحم الذي وقف معه حتى قال قائلهم وسيدهم أبو طالب : " اذهب يا ابن أخي ! فقل ما شئت فو الله لن أسلمك أبداً " ، مع أنه لم يكن على دينه.
وإنما كانت هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكة هجراً للوثنية المسيطرة التي لا يريد أصحابها أن يتعاملوا بمنطق الدين أو منطق العقل أو منطق الأخلاق. فهذه وثنية يجب أن تهجر وأن يهاجر من مناطق نفوذها وإشعاعاتها.
وإنما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهجر -إلى جانب الوثنية المسيطرة - تلك العصبية المستعلية التي تعرف منطق القوة ، ولا تعرف منطق الحق، وليس في وعيها ولا في قاموسها أن تهادن الإيمان ، وأن تترك مساحة للتفاهم والحوار، وبالتالي تصبح الحياة معها - بعقيدة إيمانية بعيدة عن إشعاعاتها – أمراً مستحيلاً.
إننا نريد أن يفهم مضمون الهجرة الإسلامية كما ينبغي أن يفهم ، وأن تكون هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم هي المرجعية لهذا الفهم ... فقد بُعث محمد -صلى الله عليه وسلم- "رحمة للعالمين"، فكيف تكون إذن رحمته بالقوم الذين انتسب إليهم ، أو بالقوم الذين عاش معهم ، أو بالأرض الطاهرة التي نشأ فيها ، وتربّى في بطاحها وتنسم عبيرها ، وشاهد جموع الزاحفين إلى أرضها الطاهرة من كل فج عميق؟!
إن رحمته - بالضرورة هنا - لا بد أن تكون أكبر من أي رحمة أخرى… ولهذا نراه -صلى الله عليه وسلم- يرفض دائماً أن يدعو على أهل مكة ، وحتى وهو في هذه اللحظة البالغة الصعوبة ، عندما وقع في حفرة حفروها له في موقعة أحد ، وتناوشته سهامهم من كل مكان ، وسالت دماؤه الطاهرة على جبل أحد الذي كان يتبادل الرسول صلى الله عليه وسلم - الحب معه ، لأن بعض قطرات دمائه الزكية قد اختلطت بتراب جبل أحد الطاهر ، فأصبحا حبيبين… حتى في هذه اللحظة البالغة الصعوبة لم يستطع لسانه الزكي ، ولا قلبه التقيّ أن يدعو عليهم ، ولا أن يشكوهم إلى الله، وإنما كان يردد على مسمع من الناس جميعاً: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون "
وعندما كان يرى تمادي قريش في الحرب كان يتأسف عليهم ويقول: "يا وَيحَ قريشٍ لقد أكلَتهم الحربُ ، ماذا عليهم لو خلَّوا بيني وبين سائر الناس" .
*****
وكم راودته الجبال الشم – بأمر من الله- أن تطبق عليهم فكان يرفض ويقول : "أَرْجُو أَن يُخرج اللهُ مِن أَصلابهم مَن يَعبد اللهَ وحده لا يُشرك به شيئا"
وعندما جاءته فرصة السلام معهم أصرّ عليها ، مع تعنتهم في الشروط تعنتّا أغضب أصحابه ، لكنه كان يريد لهم الحياة .. وألا تستمر الحرب في أكلهم ، وألا يبقوا - وهم قومه وشركاؤه في الوطن - مستمرين في تأليب القبائل عليه لدرجة أنهم أصبحوا العقبة الكأداء في طريق الإسلام ؛ مما يفرض عليه بأمر الله الجهاد لإزالة هذه العقبة ، ونجح الرسول صلى الله عليه وسلم في إزالة عقبتهم بقبول شروطهم المجحفة ، حبًّا لهم ، وحفاظاً على بقائهم ، وأيضاً لإفساح الطريق أمام دين الله.
أما حين دخل مكة - صلى الله عليه وسلم - فاتحا فقد حافظ بكل قوة على كرامتهم ودمائهم ، ولم يقبل مجرد كلمة خرجت من فم سعد بن عبادة رضي الله عنه - أحد الصحابة والقادة الأجلاء - وذلك عندما قال : " اليوم يوم الملحمة " فنـزع الراية منه ، وأعطاها لابنه قيس وقال "لا ، بل اليوم يوم المرحمة ، اليو م يعزّ الله قريشاً"
وعندما استسلمت مكة كلها تماماً ، وقف أهل مكة ينتظرون حكمه فيهم مستحضرين تاريخهم الظالم معه ، لكنهم سرعان ما تذكروا أنه الرءوف الرحيم الطاهر البريء من رغبات الانتقام أو المعاملة بالمثل... فلما سألهم : "ما تظنون أني فاعل بكم"، قالوا : "أخ كريم وابن أخ كريم "، فرد عليهم قائلاً : ﴿لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ﴾ ... وهي كلمة نبي الله يوسف عليه السلام التي قالها لإخوته ، ومنها ندرك أنه اعتبرهم جميعاً إخوته ، كأنهم إخوة يوسف عليه السلام ، ثم أعلن العفو العام بتلك الجملة الخالدة: " اذهبوا فأنتم الطلقاء لوجه الله تعالى ". فكأنه أنقذهم من الموت الزؤام عليه الصلاة والسلام.
*******
وأقول للمهاجرين من أبناء عصرنا لظروف مختلفة إلى أي بلد من بلدان العالم ... هذه هي هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بين أيديكم ، وهي كتاب مفتوح ، فأمعّنوا القراءة فيه لتدركوا منه أن هجرتكم من بلادكم - لأي سبب من الأسباب - لا تعنى القطيعة مع أرض الوطن ، ولا مع الأهل والعشيرة ، ولا مع المسلمين في أي مكان ، مهما تكن الخلافات الظرفية الطارئة معهم ... بل يجب أن تبقى الصلة قائمة بينكم وبين الأهل والقوم، تمدونهم بأسباب الحفاظ على الدين من مواقعكم ، لكي يثبتوا ويمتدوا بإشعاعات الإيمان إلى أكبر مدى ممكن ، لا سيما ووسائل التواصل الآن في أقوى مستوى عرفته البشرية ، وبالتالي تكونون قد وصلتم الرحم ، وجمعتم بين الثلاثية المتكاملة التي تمثل بأركانها الثلاثة وحدة لا تنفصم ، وإلا فقدت الأمة " مكانة الخيرية " التي رفعها الله إليها عندما قال : ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾
(آل عمران:110)
إنها ثلاثية الإيمان والهجرة والجهاد.
أجل ! في عصرنا هذا يجب أن يعود معنى الهجرة إلى منبعه النبوي ، فليست الهجرة هجراً للوطن ، وقطيعة تاريخية أو معرفية معه ، بل هي هجرة موصولة بالماضي ، تعمل على تعميق الإيمان فيه ، وتبني قلاعاً للإيمان في المهجر الجديد ، وتصل بين الماضي والحاضر والمستقبل انطلاقاً من درس النبوية.
*************************************
وكما بدأنا بكلمات جميلة تعبر عن اللهفة للقاء بدر الأسلام وخاتم المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .. فها نحن نختم بقصيدة جميلة من أجمل قصائد شاعر السيف والقلم .. الشاعر المصرى الكبير محمود سامى البارودى .
(( الهجــرة الكبــرى )
بقلم / محمود سامى البارودى
********************
وَلَم يَزَل سَيِّدُ الكَونَينِ مُنتَصِباً
لِدَعوَةِ الدِّين لَم يَفتر وَلَم يَجِمِ
يَستَقبِلُ النّاسَ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ
وَيَنشُرُ الدِّينَ في سَهلٍ وَفي عَلَمِ
حَتّى اِستَجابَت لَهُ الأَنصارُ وَاِعتَصَمُوا
بِحَبلِهِ عَن تَراضٍ خَيرَ مُعتَصمِ
فَاِستَكمَلَت بِهِمُ الدُنيا نَضارَتَها
وَأَصبَحَ الدينُ في جَمعٍ بِهِم تَمَمِ
قَومٌ أَقَرُّوا عِمادَ الحَقِّ وَاِصطَلَمُوا
بِيَأسِهِم كُلَّ جَبّارٍ وَمُصطَلِمِ
فَكَم بِهِم أَشرَقَت أَستارُ داجِيَةٍ
وَكَم بِهِم خَمَدَت أَنفاسُ مُختَصِمِ
فَحينَ وافى قُرَيشاً ذِكرُ بَيعَتِهِم
ثارُوا إِلى الشَّرِّ فِعلَ الجاهِلِ العَرِمِ
وَبادَهُوا أَهلَ دِينِ اللَهِ وَاِهتَضَمُوا
حُقُوقَهُم بِالتَّمادِي شَرَّ مُهتَضَمِ
فَكَم تَرى مِن أَسيرٍ لا حِراكَ بِهِ
وَشارِدٍ سارَ مِن فَجٍّ إِلى أَكَمِ
فَهاجَرَ الصَّحبُ إِذ قالَ الرَّسُولُ لَهُم
سيرُوا إِلى طَيبَةَ المَرعِيَّةِ الحُرَمِ
وَظَلَّ في مَكَّةَ المُختارُ مُنتَظِراً
إِذناً مِنَ اللَهِ في سَيرٍ وَمُعتَزَمِ
فَأَوجَسَت خيفَةً مِنهُ قُرَيشُ وَلَم
تَقبَل نَصيحاً وَلَم تَرجع إِلى فَهَمِ
فَاِستَجمَعَت عُصَباً في دارِ نَدوَتِها
َبغي بِهِ الشَّرَّ مِن حِقدٍ وَمِن أَضَمِ
وَلَو دَرَت أَنَّها فِيما تُحاوِلُهُ
مَخذولَةٌ لَم تَسُم في مَرتَعٍ وَخِمِ
أَولى لَها ثُمَ أَولى أَن يَحيقَ بِها
ما أَضمَرَتهُ مِنَ البَأساءِ وَالشَّجَمِ
إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَومٍ أُولي فِطَنٍ
باعُوا النُّهى بِالعَمى وَالسَّمعَ بِالصَّمَمِ
يَعصُونَ خالِقَهُم جَهلاً بِقُدرَتِهِ
وَيَعكُفُونَ عَلى الطاغُوتِ وَالصَّنَمِ
فَأَجمَعُوا أَمرَهُم أَن يَبغتُوهُ إِذا
جَنَّ الظَّلامُ وَخَفَّت وَطأَةُ القَدَمِ
وَأَقبَلُوا مَوهِناً في عُصبَةٍ غُدُرٍ
مِنَ القَبائِلِ باعُوا النَّفسَ بِالزَّعَمِ
فَجاءَ جِبريلُ لِلهادِي فَأَنبأَهُ
بِما أَسَرُّوهُ بَعدَ العَهدِ وَالقَسَمِ
فَمُذ رَآهُم قِياماً حَولَ مَأمَنِهِ
يَبغُونَ ساحَتَهُ بِالشَّرِّ وَالفَقَمِ
نادى عَلِيّاً فَأَوصاهُ وَقالَ لَهُ
لا تَخشَ وَالبَس رِدائي آمِناً وَنَمِ
وَمَرَّ بِالقَومِ يَتلُوُ وَهوَ مُنصَرِفٌ
يَس وَهيَ شِفاءُ النَّفسِ مِن وَصَمِ
فَلَم يَرَوهُ وَزاغَت عَنهُ أَعيُنُهُم
وَهَل تَرى الشَّمس جَهراً أَعيُنُ الحَنَمِ
وَجاءَهُ الوَحيُ إِيذاناً بِهِجرَتِهِ
فَيَمَّمَ الغارَ بِالصِّدِّيقِ في الغَسَمِ
فَما اِستَقَرَّ بِهِ حَتّى تَبَوَّأَهُ
مِنَ الحَمائِمِ زَوجٌ بارِعُ الرَّنَمِ
بَنى بِهِ عُشَّهُ وَاِحتَلَّهُ سَكناً
يَأوي إِلَيهِ غَداةَ الرّيحِ وَالرّهَمِ
إِلفانِ ما جَمَعَ المِقدارُ بَينَهُما
إِلّا لِسِرٍّ بِصَدرِ الغارِ مُكتَتَمِ
كِلاهُما دَيدَبانٌ فَوقَ مَربأَةٍ
يَرعَى المَسالِكَ مِن بُعدٍ وَلَم يَنَمِ
إِن حَنَّ هَذا غَراماً أَو دَعا طَرَباً
بِاسمِ الهَديلِ أَجابَت تِلكَ بِالنَّغَمِ
يَخالُها مَن يَراها وَهيَ جاثِمَةٌ
في وَكرِها كُرَةً مَلساءَ مِن أَدَمِ
إِن حَنَّ هَذا غَراماً أَو دَعا طَرَباً
بِاسمِ الهَديلِ أَجابَت تِلكَ بِالنَّغَمِ
يَخالُها مَن يَراها وَهيَ جاثِمَةٌ
في وَكرِها كُرَةً مَلساءَ مِن أَدَمِ
إِن رَفرَفَت سَكَنَت ظِلّاً وَإِن هَبَطَت
رَوَت غَليلَ الصَّدى مِن حائِرٍ شَبِمِ
مَرقُومَةُ الجِيدِ مِن مِسكٍ وَغالِيَةٍ
مَخضُوبَةُ الساقِ وَالكَفَّينِ بِالعَنَمِ
كَأَنَّما شَرَعَت في قانِيءٍ سربٍ
مِن أَدمُعِي فَغَدَت مُحمَرَّةَ القَدَمِ
وَسَجفَ العَنكَبُوتُ الغارَ مُحتَفِياً
بِخَيمَةٍ حاكَها مِن أَبدَعِ الخِيَمِ
قَد شَدَّ أَطنابَها فَاِستَحكَمَت وَرَسَت
بِالأَرضِ لَكِنَّها قامَت بِلا دِعَمِ
كَأَنَّها سابِريٌّ حاكَهُ لَبِقٌ
بِأَرضِ سابُورَ في بحبُوحَةِ العَجَمِ
وَارَت فَمَ الغارِ عَن عَينٍ تُلِمُّ بِهِ
فَصارَ يَحكي خَفاءً وَجهَ مُلتَثِمِ
فَيا لَهُ مِن سِتارٍ دُونَهُ قَمَرٌ
يَجلُو البَصائِرَ مِن ظُلمٍ وَمِن ظُلَمِ
فَظَلَّ فيهِ رَسولُ اللَّهِ مُعتَكِفاً
كَالدُرِّ في البَحر أَو كَالشَمسِ في الغُسَمِ
حَتّى إِذا سَكَنَ الإِرجاف وَاِحتَرقَت
أَكبادُ قَومٍ بِنارِ اليَأسِ وَالوَغَمِ
أَوحى الرَّسولُ بِإِعدادِ الرَّحيلِ إِلى
مَن عِندَهُ السِّرُّ مِن خِلٍّ وَمِن حَشَمِ
وَسارَ بَعدَ ثَلاثٍ مِن مَباءَتِهِ
يَؤُمُّ طَيبَةَ مَأوى كُلِّ مُعتَصِمِ
فَحِينَ وَافى قُدَيداً حَلَّ مَوكِبُهُ
بِأُمِّ مَعبَدَ ذاتِ الشَّاءِ وَالغَنَمِ
فَلَم تَجِد لِقِراهُ غَيرَ ضائِنَةٍ
قَدِ اقشَعَرَّت مَراعِيها فَلَم تَسُمِ
فَما أَمَرَّ عَلَيها داعِياً يَدَهُ
حَتّى اِستَهَلَّت بِذِي شَخبينِ كَالدِّيَمِ
ثُمَّ اِستَقَلَّ وَأَبقى في الزَّمانِ لَها
ذِكراً يَسيرُ عَلَى الآفاق كَالنَّسَمِ
فَبَينَما هُوَ يَطوي البِيدَ أَدرَكَهُ
رَكضاً سُراقَةُ مِثلَ القَشعَمِ الضَّرِمِ
حَتّى إِذا ما دَنا ساخَ الجَوادُ بِهِ
في بُرقَةٍ فَهَوى لِلسَّاقِ وَالقَدَمِ
فَصاحَ مُبتَهِلاً يَرجُو الأَمانَ وَلَو
مَضى عَلى عَزمِهِ لانهارَ في رَجَمِ
وَكَيفَ يَبلُغُ أَمراً دُونَهُ وَزَرٌ
مِنَ العِنايةِ لَم يَبلُغهُ ذُو نَسَمِ
فَكَفَّ عَنهُ رَسولُ اللَّهِ وَهوَ بِهِ
أَدرى وَكَم نِقَمٍ تفتَرُّ عَن نِعَمِ
وَلَم يَزَل سائِراً حَتّى أَنافَ عَلى
أَعلامِ طَيبَةَ ذاتِ المَنظَرِ العَمَمِ
أَعظِم بِمَقدَمِهِ فَخراً وَمَنقبَةً
لِمَعشَرِ الأَوسِ وَالأَحياءِ مِن جُشَمِ
فَخرٌ يَدُومُ لَهُم فَضلٌ بِذِكرَتِهِ
ما سارَت العِيسُ بِالزُّوّارِ لِلحَرَمِ
يَومٌ بِهِ أَرَّخَ الإِسلامُ غُرَّتَهُ
وَأَدرَكَ الدِّينُ فيهِ ذِروَةَ النُّجُمِ
ثُمَّ اِبتَنى سَيِّدُ الكَونَينِ مَسحِدَهُ
بُنيانَ عِزٍّ فَأَضحى قائِمَ الدّعَمِ
وَاِختَصَّ فيهِ بِلالاً بِالأَذانِ وَما
يُلفى نَظيرٌ لَهُ في نَبرَةِ النَّغَمِ
حَتّى إِذا تَمَّ أَمرُ اللَّهِ وَاِجتَمَعَت
لَهُ القبَائِلُ مِن بُعدٍ وَمِن زَمَمِ
قامَ النَّبِيُّ خَطيباً فيهِمُ فَأَرى
نَهجَ الهُدى وَنَهى عَن كُلِّ مُجتَرَمِ
وَعَمَّهم بِكِتابٍ حَضَّ فيهِ عَلى
مَحاسِنِ الفَضلِ وَالآدابِ وَالشِّيمِ
فَأَصبَحُوا في إِخاءٍ غَيرِ مُنصَدِعٍ
عَلى الزَّمانِ وَعِزٍّ غَيرِ مُنهَدِمِ
وَحِينَ آخى رَسُولُ اللَّهِ بَينَهُمُ
آخى عَلِيّاً وَنِعمَ العَونُ في القُحَمِ
هُوَ الَّذي هَزَمَ اللَّهُ الطُغاةَ بِهِ
في كُلِّ مُعتَرَكٍ بِالبِيضِ مُحتَدِمِ
فَاِستَحكَم الدِّينُ وَاِشتَدَّت دَعائِمُهُ
حَتّى غَدا واضِحَ العِرنينِ ذا شَمَمِ
وَأَصبَحَ الناسُ إِخواناً وَعَمَّهُمُ
فَضلٌ مِنَ اللَّهِ أَحياهُم مِنَ العَدَمِ
*****
اللهم صلي على محمد والمحمد .. الأوصياء المرضيين باأفضل صلواتك .. وبارك عليهم باأفضل بركاتك .. والسلام عليهوعليهم ورحمة الله وبركاته صلاة دائمة خالدة مع خلودك .. ولامنتهى لها دون علمك .. ولاأمد لها دون مشيئتك ..ولاجزاء لها دون عفوك ومحبتك ورضاك ...صلاه ترتفع منا إلى أعلىعليين في كتاب مرقوم .. يشهده المقربون صلاة ننجو بها من اليم عذابك ..ونفوز فيها بكريم جوارك ... قولوا معى آمين عل الله يستجيب دعاؤنا .
وإلى أن نلتقى فى الجمعة القادمة بمشيئة الله .. أترككم فى رعايته وحفظه .. فأنتظرونــى .
بقلــم
صـــلاح إدريـــس
زيارتكم .. تسعدنى .. وتشرفنى ..
لمدونتى ( بالبلدى الفصيح )
http://plackprince.blogspot.com/2010/07/blog-post.html