ذو الوجهين“
قال صلى الله عليه وسلم: تَجِدُ من شِرارِ الناس يَوْمَ القيامةِ عند الله ذَا الوَجْهين الذي يَأتي هَؤلاءِ بوجهٍ وهَؤلاءِ بوجه” (1).
مِن الناس مَن يَعيشُ في المجتمع كالحِرباءَ يَتلوَّنُ ألواناً، ولا يَثبتُ على حال، وهذا الصنف من الناس فاقدُ الشخصية، مَسلوبُ الكرامة، منافقٌ، مُخـادع، والنفاقُ دَليلُ الضَّعف وفَسادِ الطَّوِيَّةِ.
فالواحدُ من هذا الصنف يَتلقاك بالبشاشة، ويتَظاهر أمامك بأنه الصَّديقُ الوفيُّ الذي يَفرحُ إِذا فَرِحت، ويَحزن إذا حزنت، ويَسعد بسعادتِك، ويَشقى بشقائك، ولقد تَخْدعُك أقوالهُ المعسولة، فتنفُضُ له ما في نفسك، وتُطلِعه على آمالك، وعلى وسائلك لتَحقيقِها، أَو تَشكو له من خَصمك، وتُفَرِجُ عن نفسك بحديثٍ ساخط على هذا الخصم، فيتظاهرُ أَمامك ببُغضِه وبقطيعتِه، فإذا ما انْفرطَ اجتِماعُكما أسرع إلى خَصمك، فأظهر له مِثلَ ما أظهر لك، وعَرَف من أسراره ما عَرَف من أسرارك، وحَمَل عليك في مَجلِسه حَملَة الكاره لك، ونَقَل إِليه ما سَمِع منك وزاد عليه حديثاً افْتَراه…. فماذا تكون العاقبة؟ إنه ألهبَ ما بينكما من جَفاءٍ وخُصومةٍ ، وصَوَّر كُلاًّ منكما للآخر وَحشا كاسِراً يَتَوثَّبُ للافْتراس، فيُغالي كلٌّ منكما في جهله وعُدوانه، وتَتسابقان في وسائل الانتقام