السخرية والاستهزاء مِن صِفات الجاهلين ، ولا يستهزئ بالناس إلاّ جاهِل .
قال تعالى : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)
قال ابن كثير : أي: إذا سَفه عليهم سَفيه ، وكلّمهم بما لا يَليقُ بهم الجوابُ عنه ، أعرضوا عنه ولم يُقابلوه بمثله من الكلام القبيح ، ولا يصدر عنهم إلاَّ كلام طيب . اهـ .
ولَمّا قال نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام لقومه : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) قالوا له : (أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا) فـ (قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) .
...
إذا كان الاستهزاء بالشخص المتديّن لأجل تَدَيّنه ، فهذا كُفر .
فإن المنافقين قالوا عن الصحابة رضي الله عنهم : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ؛ أرْغَب بُطُونا ، ولا أكْذَب ألسنة ، ولا أجْبَن عند اللقاء .
فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن .
قال : عبد الله بن عمر : فأنا رأيته مُتَعَلِّقا بِحَقَب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجارة تَنْكُبه ، وهو يقول : يا رسول الله إنما كُـنّا نَخوض ونلعب . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ ) .
فقولهم : " إنما كنا نخوض ونلعب " أي : إننا لم نقصد حقيقة الاستهزاء ، وإنما قصدنا الخوض واللعب ، نقطع به عناء الطريق ، كما في بعض روايات الحديث ؛ ومع ذلك كفّرهم الله جل وعلا ؛ لأن هذا الباب لا يدخله الخوض واللعب .
فَعَلَينا جميعا أن نحذر من الاستهزاء بِمن ظاهره الصلاح لأجل صلاحه . فإن هذا هو شأن المنافقين .