وأذكر من قصص الإمام أحمد بن حنبل أيضا قصته مع الإمام الشافعي حين طلبت منه ابنته أن يستضيف الإمام الشافعي وكانا متعاصرين وكل منهما حجة في علمه، احد في الحديث والشافعي في الفقه، مثل الفرق بين الطبيب والصيدلي وكلاهما صاحب فن.
فلما جاءه في الليل قدم له العشاء فأكل ثم قام فنام بعدها ثم صلى صبحه، وفي الصباح سأل ابنته كيف وجدت الإمام الشافعي فقالت: أكل كثيرا ونام كثيرا وصلى صلاة الصبح من دون وضوء؟
فنقل له ذلك فقال أي الشافعي: أصابت في اثنتين وأخطأت في واحدة!!
فأما أني أكلت كثيرا فصحيح فقد أكلت كثيرا لأن مالك حلال فأردت أن أستزيد من الحلال..
وأما أنني صليت الصبح من دون وضوء فصحيح لأنني صليته بوضوء العشاء ولم أنم طول الليل فقد كنت منشغلا بحديث : يا عمير ما فعل النغير وربما ألهمته بنت أحمد بن حنبل التفكير فيه؟
تابع الشافعي فاستخرجت من الحديث بضعا وسبعين حكما؟
ولقد راجعت "زاد المسلم" فيما اتفق عليه البخاري ومسلم لأرى الأحكام التي استخرجها وقد أوردها الشنقيطي بتفصيلاتها من مثل جواز مداعبة الصغير وإمساك العصفور بخيط وملاعبة الطفل للعصفور وجواز الدلع للطفل وتصغير الاسم وما إلى ذلك..
وهكذا ومن هاتين القصتين نطلع على قمم من الشموخ الفكري من تاريخنا، والله يعلم وأنتم لا تعلمون