الامام الشافعي

الأمام الشافعي

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا .

الأمام الشافعي أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة واليه نسبة الشافعية كافة .

نسبه ومولده :

الأمام الشافعي أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة واليه نسبة الشافعية كافة . وهو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد بن يزيد بن هاشم بن عبد المطلب
وتذكر سيرته انه ولد بغزة في فلسطين وفى رواية بعسقلان وفى بعض الروايات ذكر أن أبوه قد هاجر من مكة إلى غزة بفلسطين بحثا عن الرزق وهناك من قص أن ولادته كانت في عسقلان وقيل بمنى ولكن في الغالب أن الأصح كان في غزة عام 150هـ وهو نفس العام الذي توفى فيه والده 0 فنشا محمد يتيما فقيرا . وشافع بن السائب هو الذي ينتسب أليه الشافعي لقي النبي صلى الله عليه وسلم ، واسر أبوه السائب يوم بدر في جملة من أسر وفدى نفسه ثم اسلم . ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.
أما أمه فهي يمانية من الازد وقيل من قبيلة الأسد وهي قبيلة عربية لكنها ليست قرشية 0

نشأته وسيرته :

وحينما أتم سنتين من عمره قررت أمه العودة به إلى مكة لكي لا يضيع نسبه , وحتى ينشا على ما نشأ عليه أقرانه 0 وحباه الله ذكاء وذاكرة وحلاوة صوت تمهده لما أعده الله له , فحفظ القرآن في سن السابعة أجاد تلاوة القرآن حتى أن ابن نصر يقول( كنا إذا أردنا أن نبكى قال بعضنا لبعض : قوموا إلى هذا الفتى المطلبى – نسبة إلى عبد المطلب – يقرأ القرآن , فإذا أتيناه يصلى في الحرم استفتح القران حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته فإذا رأى ذلك امسك من القراءة 0 ثم لحق بقبيلة هذيل العربية لتعلم اللغة والفصاحة . وكانت هذيل افصح العرب ، ولقد كانت لهذه الملازمة اثر في فصاحته وبلاغة ما يكتب، وقد لفتت هذه البراعة أنصار معاصريه من العلماء بعد أن شب وكبر ، حتى الأصمعي وهو من أئمة اللغة المعدودين يقول : ( صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن أدرس ) وبلغ من اجتهاده في طلب العلم أن أجازه شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالفتيا وهو لا يزال صغير . حفظ الشافعي وهو ابن ثلاث عشرة سنة تقريبا كتاب الموطأ للأمام مالك ورحلت به أمه إلى المدينة ليتلقى العلم عند الأمام مالك . ولازم الشافعي الأمام مالك ست عشرة سنة حتى توفى الأمام مالك (179 هجرية ) وبنفس الوقت تعلم على يد إبراهيم بن سعد الأنصاري ، ومحمد بن سعيد بن فديك وغيرهم .
وبعد وفاة الأمام مالك (179 هجرية ) سافر الشافعي إلى نجران واليا عليها ورغم عدالته فقد وشى البعض به إلى الخليفة هارون الرشيد فتم استدعائه إلى دار الخلافة سنة (184هجرية ) وهناك دافع عن موقفه بحجة دامغة وظهر للخليفة براءة الشافعي مما نسب إليه واطلق سراحه .

واثناء وجوده في بغداد أتصل بمحمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبى حنيفة وقرأ كتبه وتعرف على علم أهل الرأي ثم عاد بعدها إلى مكة واقام فيها نحوا من تسع سنوات لينشر مذهبه من خلال حلقات العلم التي يزدحم فيها طلبة العلم في الحرم المكي ومن خلال لقاءه بالعلماء أثناء مواسم الحج . وتتلمذ عليه في هذه الفترة الأمام احمد بن حنبل .

ثم عاد مرة أخرى إلى بغداد سنة ( 195 هجرية ) ، وكان له بها مجلس علم يحضره العلماء ويقصده الطلاب من كل مكان . مكث الشافعي سنتين في بغداد ألف خلالها كتابه (الرسالة ) ونشر فيها مذهبه القديم ولازمه خلال هذه الفترة أربعة من كبار أصحابه وهم احمد بن حنبل ، وأبو ثور ، والزعفراني ، والكرابيسي . ثم عاد الأمام الشافعي إلى مكة ومكث بها فترة قصيرة غادرها بعد ذلك إلى بغداد سنة (198هجرية ) وأقام في بغداد فترة قصيرة ثم غادر بغداد إلى مصر .

قدم مصر سنة ( 199 هجرية ) تسبقه شهرته وكان في صحبته تلاميذه الربيع بن سليمان المرادي ، وعبد الله بن الزبير الحميدي ، فنزل بالفسطاط ضيفا على عبد الله بن عبد الحكم وكان من أصحاب مالك . ثم بدأ بإلقاء دروسه في جامع عمرو بن العاص فمال أليه الناس وجذبت فصاحته وعلمه كثيرا من اتباع الإمامين أبى حنيفة ومالك . وبقي في مصر خمس سنوات قضاها كلها في التأليف والتدريس والمناظرة والرد على الخصوم . وفي مصر وضع الشافعي مذهبه الجديد وهو الأحكام والفتاوى التي استنبطها بمصر وخالف في بعضها فقهه الذي وضعه في العراق ، وصنف في مصر كتبه الخالدة التي رواها عنه تلاميذه .

جمعه لشتى العلوم :

قال عنه الربيع بن سلمان : كان الشافعي رحمه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح , فيجيئه أهل القرآن فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه , فإذا آن الضحى تفرقوا , يليهم أهل اللغة والعروض والنحو والصرف والشعر ماكثين معه حتى ينتصف النهار فينصرف رضى الله عنه
وزادنا محمد بن الحكم إذ قال : ما رأيت مثل الشافعي , كان أصحاب الحديث يجيئون إليه ويعرضون عليه غوامض علم الحديث , وكان يطلعهم على أسرار لم يعوا لها فيقومون وهم في شدة العجب منه , وحينما يأتوه الموافقون والمخالفون من أصحاب الفقه لا يخرجون إلا وهم على قناعة وإذعان له , أما إذا عرض عليه أصحاب الشعر أشعار فيبين لهم معانيه , فقد كان رحمه الله يحفظ عشرة آلاف بيت بمعانيهم وإعرابهم , كما كان من أعرف الناس بالتواريخ 0
قال عنه مصعب بن عبد الله الزبيرى ( ما رأيت أعلم الناس من الشافعي)
أما الحميدى حكى عنه (كنا نريدان نرد على أصحاب الرأي فلم نحسن كيف نرد عليهم حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا ) 0
أما مسلم بن خالد روى عنه انه قال لمحمد بن إدريس الشافعي وهو ابن ثمان عشرة سنه " أفت أبا عبد الله فقد آن لك أن تفتى
"
ماكان مشهور عنه :

اشتهر بتواضعه وخضوعه للحق , تشهد له بذلك مناظراته ودروسه ومعاشرته لاقرانه وتلاميذه وللناس 0
قال الحسن بن عبد العزيز الجروى المصري : قال الشافعي( ما نظرت أحدا فأحببت أن يخطئ , ومافى قلبي من علم , إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب لى وقال الشافعي كما روى عنه حرملة ين يحي ( كل ما قلت لكم فلم تشهد عليه عقولكم وتقبله وتره حقا فلا تقبلوه , فإن العقل مضطر إلى قبول الحق 0 كما قال : ما أوردت الحق علة أحد فقبلهما إلا هبته واعتقدت مودته ولا كابرنى على الحق أحد ودافع الحجة إلا سقط من عيني 0

وقال : اشد الأعمال ثلاثة : الجود من قله , والورع في خلوة , وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف 0
أما عن ورعه وعبادته فقد شهد له بهما كل عاشره أستاذا كان أو تلميذا آو صديقا اوجار 0 ومما عرف عنه فقد ذكر الربيع بن سليمان أن الشافعي كان يختم القرآن في رمضان ستين مره وذلك في صلاته , وقيل عنه والله ما شبعت منذ ستة عشرة سنه ألا شبعة طرحتها لان الشبع يثقل البدن , ويزيل الفطنة , ويجلب النوم , ويضعف صاحبه في العبادة 0 كما انه كان يجزأ الليل ثلاثة أجزاء : الثلث الأول يكتب , والثاني يصلى والثلث الأخير ينام 0

فصاحته : كان رحمه الله ومتعه برضاه فصيح اللسان بليغ الحجة في لغة العرب ونحوهم فقد عاش فترة من الزمن في بنى هذيل مما ترك اثر واضح في فصاحته وتضلعه في اللغة والأدب والنحو , إضافة ألي دراسته المتواصلة واطلاعه الواسع حتى أضحى يرجع أليه في اللغة والنحو . وقد قال عنه كل من أبو عبيد وأيوب بن سويد : كان الشافعي ممن تؤخذ عنه اللغة , كما حدث أبو نعيم الاستراباذى , سمعت الربيع يقول : لو رأيت الشافعي وحسن بيانه وفصاحته لعجبت منه ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته , التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة , لم يقدر على قراءة كتبه لفصاحته وغرائب ألفاظه غبر أنه كان في تأليفه يجتهد في أن يوضح للعوام 0

وقد اشتهر الأمام رحمه الله بسخائه الذي بلغ فيه غاية جعلته علما عليه , لا يستطيع أن يتشكك فبه أحد أو ينكره ولقد كثر الحديث عن سخائه وكرمه 0 فلقد قال عنه محمد بن عبد الله المصري , كان الشافعي اسخي الناس بما يجد 0
وقال عنه الربيع : كان الشافعي إذا سأله إنسان أحمر وجهه حياء من السائل ويبادر بإعطائه0

مؤلفات الامام الشافعى :

جماع العلم

كتاب جماع العلم للشافعي رحمه الله

أثبت فيه الإمام حجية الحديث على منكريه ممن يدعي الاستغناء بالقرآن الكريم عن السنة المطهرة , كما رد على من ينكر التمسك بخبر الواحد في قضايا أصول الشريعة كل ذلك بأسلوب علمي رصين واستدلال أصولي رفيع 0
أحكام القرآنلا تنبع قيمة الكتاب من حيث إنه تفسير لبعض آي التنزيل فحسب - وهو لا شك في هذا الباب له تميزه - بل كونه يمثل معالم المنهج التطبيقي لما أصله هذا الجهبذ من قواعد وأصول أحكمت مناحي الاجتهاد وفهم النص ، ولعل في دارسة الكتاب ما يفتح أمام الدارسين فهم مراد الإمام في كثير مما ذكره في صدد التأصيل في كتبه الأخرى ، وهو الأمر الذي ضل عنه بعض المتأخرين ممن كتب في الأصول فأهمل ما ذكره الشافعي الإمام من قواعد أوكر على بعضها بالنقض .
الأم

جمعه: البويطي، بعد أن أملاه الشافعي على تلاميذه في مصر، ولم يذكر اسمه فيه ولا نسبه إلى نفسه، ومع ذلك فقد نسب: إلى الربيع بن سليمان المرادي، بعد أن رتبه وبوَّبه. ويعد هذا الكتاب آخر ما وصل إليه الشافعي، ويعبر عن المسائل التي فيها، بأنها مذهب الشافعي الجديد.
مسند الشافعي

أشتمل هذا الكتاب على1675 رتبت على الأبواب الفقهية، بدأت بباب ما خرج من كتاب الوضوء
الرسالة

يعد هذا الكتاب أقدم ما دُون في أصول الفقه ، أراد الشافعي - رحمه الله - بتأليفه هذا الكتاب أن يضع الضوابط التي يلتزم بها الفقيه أو المجتهد لبيان الأحكام الشرعية لكل حديث ومستحدث في كل عصر
ديوان الأمام الشافعي رحمه الله

مجموعة قصائد وأشعار منسوبة للإمام الشافعي رحمه الله وبعضها لا تثبت نسبتها له
وفاته
لقد رأت أمه في المنام حين حملت به كأن كوكب المشترى خرج من فرجها وارتفع في السماء ثم انقض بمصر ثم وقع في كل بلد منه شظية فسألت عن تأويل ذلك فقيل لها تلدين عالماً يطبق علمه الأرض ويموت بالديار المصرية
ظل الأمام الشافعي في مصر ولم يغادرها يلقي دروسه ويحيط به تلامذته
وفي يوم الجمعة في آخر يوم من رجب سنة 204هـ توفى الشافعي رحمه الله عن أربعة وخمسين سنة بمصر وكان رحمه الله أبيض جميلاً طويلاً مهيباً يخضب بالحناء مخالفة للشيعة وقد استخلف على تلاميذه تلميذه المقرب الإمام البويطي , فرحم الله الشافعي وأكرم مثواه وأجزل له المثوبة 0

مقتطفات من أشعاره :

آداب التعلم :اصبر على مـر الجفـا من معلم *** فإن رسوب العلم في نفراته

ومن لم يذق مر التعلم ساعــة *** تجرع ذل الجهل طول حياته

ومن فاته التعليم وقت شبابــه *** فكبر عليه أربعا لوفاتــه

وذات الفتى والله بالعلم والتقى ***إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

متى يكون السكوت من ذهب

إذا نطق السفيه فلا تجبه *** فخير من إجابته السكوت

فإن كلمته فـرّجت عنـه *** وإن خليته كـمدا يمـوت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عدم اليأس من لطف ربك

إن كنت تغدو في الذنـوب جليـدا ***وتخاف في يوم المعاد وعيـدا

فلقـد أتاك من المهيمـن عـفـوه ***وأفاض من نعم عليك مزيـدا

لا تيأسن من لطف ربك في الحشا ***في بطن أمك مضغة ووليـدا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحب الصادق

تعصي الإله وأنت تظهر حبه *** هذا محال في القياس بديـع

لو كان حبك صادقا لأطعتـه ***إن المحب لمن يحب مطيـع

في كل يوم يبتديك بنعمــة *** منه وأنت لشكر ذلك مضي

لو شــاء أن تصلى جهنم خالـدا ***ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيــدا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رحم الله الأمام واجعله اللهم من المقربين بقدر ما أنار لنا سبيل طاعتك

وقصر بما أنعمت عليه من نور علمك المسافات لنكون بقرب غفرانك ورحمتك

جزاك الله خيراً

على موضوعك الجميل

لقد كان رحمه الله عند حفظه للقرأن

يقرأ من صفحة ويضع يده على الصفحة الاخرى

خشية تداخل الايات

لانه كان يحفظ كل ما يقرأ

وكان من احسن ابيات شعره التى احبها

شكوت إلى وكيع سوء حفظى

فأرشدنى إلى ترك المعاصى

وأخبرنى أن العلم نور

ونور الله لا يُهدى لعاصى